بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
الحمد لله الكبير المتعال، تنزه عن كل نقص واتصف بكل كمال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله تحلى بكريم الأخلاق والخصال، وبعد:
يقول الله - تعالى -: (فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)[الشورى].
قال ابن كثير: ليس كخالق الأزواج كلها شيء؛ لأنه الفرد الصمد، الذي لا نظير له حقًا ليس كمثله شيء في صفاته ولا أفعاله، فقد اتصف - سبحانه - بكل كمال، وتنزه عن كل نقص، ويفعل ما يشاء بمن شاء وما شاء، لا راد لحكمه، اتصف بالصفات العليا وكل صفاته عليا، وهي صفات كمال ومدح ليس فيها نقص بوجه من الوجوه، وصفات الله - تعالى - تنقسم كما يقول الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- إلى قسمين:
أولاً صفات ثبوتية: وهي ما أثبته الله -تعالى- لنفسه كالحياة والعلم والقدرة، ويجب إثباتها لله -تعالى- على الوجه اللائق به لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته
ثانيًا صفات سلبية: وهي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم، فيجب نفيها عن الله - تعالى - لأنه نفاها عن نفسه، لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله - تعالى - على الوجه الأكمل لأن النفي لا يكون كمالاً حتى يتضمن ثبوتًا، مثال ذلك قوله - تعالى -: (وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا، وقوله مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكُ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ)[فصلت]، ويقول - تعالى - في الحديث القدسي: ((إني حرمت الظلم على نفسي)) فيجب نفي الظلم عن الله - تعالى -، مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل.
والصفات الثبوتية تنقسم إلى: ذاتية وفعلية، والصفات الذاتية هي التي لم يزل ولا يزال متصفًا بها كالسمع والبصر والحياة، والصفات الفعلية هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش والمجيء، ومن هذه الصفات الثبوتية الذاتية ما يلي:
صفة الوجه
الوجه ثابت لله - تعالى - بنص الكتاب؛ لقوله -تعالى-: (وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلالِ وَالإِكْرَامِ)[الرحمن]، وقوله -تعالى-: (وَلاَ تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[القصص]، قال ابن كثير: أي إلا إياه، وقال: كان ابن عمر إذا أراد أن يتعاهد قلبه يخرج إلى الخربة فيقف عليها وينادي بصوت حزين أين أهلك، ثم يرجع إلى نفسه ويقول: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ).
والوجه ثابت أيضًا بالسنة؛ لحديث مسلم عن أبي موسى الأشعري قال: قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخمس كلماتك: ((إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور))[وفي رواية: ((لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)).
وعند مسلم أيضًا عن صهيب - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى منادٍ يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا يريد أن ينجزكموه فيقولون وما هو؟ ألم يثقل موازيننا؟ ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويجرنا من النار؟ قال فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحب إليهم من النظر إليه ولا أقر لأعينهم))[مختصر مسلم].
فهذه النصوص من الكتاب والسنة الواجب نحوها إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين والنبي يتكلم باللسان العربي، فوجب إبقاء دلالة كلام الله - سبحانه - وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان لأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بغير علم وقد حرمه الله - سبحانه - لقوله - تعالى -: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)[الأعراف].
وفسر أهل التعطيل الوجه بالثواب، وأجمع السلف على إثباته لله -تعالى- من غير تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل وهو وجه حقيقي يليق بالله -تعالى-.
صفة اليدين
اليدان مِن صفات الله - تعالى - الثابتة بالكتاب؛ لقوله - تعالى -: (وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ المائدة، وقوله تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[الملك]، وقوله - تعالى -: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العَالِينَ)[ص] وقوله - تعالى -: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ)[يس].
وصفة اليدين ثابتة بالسنة؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله: ((يد الله ملائ لا يغيضها نفقةٌ سَحَّاءُ الليل والنهار، وقال أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات فإنه لم يَغِضْ ما في يده وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع))[اللؤلؤ والمرجان].
والأوجه التي وردت عليها صفة اليد الإفراد والتثنية والجمع، يقول ابن عثيمين في التوفيق بينها: هذه الوجه الأول مفرد مضاف، فيشمل كل ما ثبت لله من يد ولا ينافي الثنتين، وأما الجمع فهو للتعظيم لا لحقيقة العدد الذي هو ثلاثة فأكثر وحينئذٍ لا تنافي التثنية، على أنه قيل إن الجمع أقله اثنان فإذا حمل الجمع على أقله فلا معارضة بينه وبين التثنية، وفسرها أهل التعطيل بالنعمة أو القدرة ونحوها، وهو مردود عليهم بالأدلة السابقة [شرح لمعة الاعتقاد].
صفة النفس
أجمع السلف على ثبوتها لله - تعالى - على الوجه اللائق به - سبحانه - لإثبات القرآن والسنة لها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل؛ لقوله - تعالى -: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ)[المائدة]، وقوله - تعالى -: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ المَصِيرُ)[آل عمران]، وقوله: (قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِّلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)[الأنعام]، وقوله: (وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)[الأنعام].
وفي السنة المطهرة عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله: ((يقول الله - تعالى - أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه، ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ، ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إليَّ شبرًا، تقربت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة))[اللؤلؤ والمرجان].
قال ابن حجر: "يحتمل أن يكون مثل قوله: (فاذكروني أذكركم) ومعناه اذكروني بالتعظيم أذكركم بالإنعام، وقيل إن ذكرني بالتنزيه سرًا، ذكرته بالرحمة والثواب سرًا".
ولكن التحقيق كما ورد في كتاب التنبيه على المخالفات العقدية في فتح الباري لعلي عبد العزيز الشبل تقديم العلامة ابن باز - رحمه الله -، وآخرين، أن كلا هذين التأويلين باطل، والصواب أن الله يذكر عبده في نفسه وفي غيرها على الحقيقة اللائقة به - سبحانه -، أما الثواب والرحمة والإنعام فهي من آثار رحمة الله وإحسانه.
وعند مسلم عن جويرية زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- أن النبي خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة، فقال: مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم قال النبي: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات)) ثلاث مرات ((لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)).
ومن الصفات الفعلية الكلام
وهو صفة ثابتة لله - تعالى - بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال - تعالى -: (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)[النساء]، وقوله - تعالى -: (قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي)[الأعراف]، وقوله - تعالى -: (قُل لَّوْ كَانَ البَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا)[الكهف].
قال ابن كثير: "قل يا محمد لو كان ماء البحر مدادًا للقلم الذي يكتب به كلمات الله وحكمه وآياته الدالة عليه لنفد البحر قبل أن يفرغ من كتابة ذلك، ولو جئنا بمثل البحر آخر ثم آخر وهلم جرا بحور تمده ويكتب بها لما نفدت كلمات الله كما في قوله - تعالى -: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[لقمان]، وقوله - تعالى -: (وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ)[سبأ]، قال ابن كثير إنه - تعالى - إن تكلم بالوحي فسمع أهل السماوات كلامه أرعدوا من الهيبة حتى يلحقهم مثل الغشي، فإذا زال الفزع يسأل بعضهم بعضًا ماذا قال ربكم؟ فيخبر بذلك حملة العرش الذين يلونهم ثم الذين يلونهم من تحتهم حتى ينتهي الخبر إلى السماء الدنيا.
وهو - سبحانه - يكلم المؤمنين ويكلمونه؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ((يقول الله لأهل الجنة يا أهل الجنة، فيقولون لبيك ربنا وسعديك))[متفق عليه].
والقرآن من كلام الله - سبحانه -، وليس هو كل كلامه؛ لقوله - تعالى -: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ)[التوبة].
يقول ابن عثيمين - رحمه الله - هو كلام حقيقي يليق بالله - تعالى - يتعلق بمشيئته بحروف وأصوات مسموعة، والدليل على أنه بمشيئته قوله – تعالى-: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ) فالتكليم حصل بعد مجيء موسى، فدل على أنه متعلق بالمشيئة، والدليل على أنه حروف قوله - تعالى -: (يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ)، فإن هذه الكلمات حروف وهي كلام الله، والدليل على أنه بصوت، قوله - تعالى -: (وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا)[مريم]، والنداء والمناجاة لا تكون إلا بصوت، وكلام الله قديم النوع حادث الآحاد، ومعنى قديم النوع أن الله لم يزل ولا يزال متكلمًا ليس الكلام حادثًا منه بعد أن لم يكن، ومعنى حادث الآحاد أن آحاد كلامه أي الكلام المعين المخصوص حادث لأنه متعلق بمشيئته متى شاء تكلم بما شاء كيف شاء [شرح لمعة الاعتقاد].
صفة الرضا
الرضا من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف؛ لقوله - تعالى -: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ)[المائدة]، وقوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ البَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رضي الله عنهم وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)[البينة]. وقوله: (يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ)[التوبة]، وقوله - تعالى -: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ)[الفتح].
وروى مسلم عن أنس - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها)).
قال ابن عثيمين - رحمه الله -: أجمع السلف على إثبات الرضا لله - تعالى - من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وهو رضا حقيقي يليق بالله، وفسره أهل التعطيل بالثواب وهو مردود[شرح لمعة الاعتقاد].
صفة الغضب
وهذه الصفة ثابتة بالكتاب؛ لقوله - تعالى -: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ)[الفاتحة] ولقوله - تعالى -: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)[النساء]، وقوله - تعالى -: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ القِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ)[المائدة]، وقوله - تعالى -: (فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ][الزخرف]، أي أغضبونا وأسخطونا، والصفة ثابتة بالسنة أيضًا بقوله - عليه السلام - من حديث أبي هريرة: ((لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي))[اللؤلؤ والمرجان].
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..