د. مبروك عطية أبو زيد
الأستاذ بجامعة الملك خالد كلية اللغة العربية بأبها
عوت الصحائف فالعلوم بكاء *** ببكائها تتمزق الأحشاء
والسحب في عليا السماء دموعها *** من كل هول مطرها الأرزاء
والأرض قد نقصت بموت حياتها *** إن البسيطة روضها العلماء
هم زينة الدنيا وسر جمالها *** وبموتهم تتقبح الحسناء
واليوم مات إمامهم وكبيرهم *** عبد العزيز أتى عليه قضاء
وقضاء ربك للعباد ملازم *** ولو احتواهم ضيق وفضاء
لكنها الدنيا الدنية سيدي *** ما دام فيها للحبيب لقاء
والدار فيها بعد حسن بنائها *** سيصيبها بعد عند الردى إقواء
لك يا ابن باز في القلوب منازل *** ترقى بحبك والدماء فداء
ما كنت يا شيخ الشيوخ سوى الندى *** ونداك منه تولدت أنداء
تروي العقول من العلوم وسرها *** فإذا الظلام أمامها أضواء
ما قلت رأيا عن هواك وإنما *** الرأي منك شريعة سمحاء
أبطلت من بدع تورث إفكها *** ولمثل هذا شرع الإفتاء
وشرحت غامض مشكل في حكمه *** تعبت لنيل مرداه الفصحاء
ونقلت سالف عهدنا في حاضر *** وحمى ركابك في الطريق إباء
للدين يا عبد العزيز يصونه *** حتى وإن كثرت به الأعداء
وسقيت بالعلم الجزيرة والدنا *** نطق الرياض وبلغت أصداء
حتى رأينا الناس في أقصى المدى *** تدنو إليك وكلهم إصغاء
يشفى من الفتن العصية مسلم *** فتواك في كل النفوس شفاء
ومشيت بين الناس رمز تواضع *** وقد اعتلاك من الإله بهاء
فكسوت عين الناظرين بهيبة *** إن التواضع للفضيلة ماء
أديت حق العلم في أرض الهدى *** وولاتها يا شيخنا نبلاء
ورفعت صرح الحق في أرجائها *** وجميعهم من أهله وجهاء
أبناء من جمع الصفوف جهاده *** ما إن دعوة فكلهم أكفاء
صانوا الشريعة وابن باز بينهم *** قد أكرمته لعلمه الأمراء
والعلم يحيا في بلاطة أئمة *** هم بالعلوم وأهلها رحماء
واليوم تلقى وجه ربك راضيا *** وجنود ربك في السماء رفقاء
سكن الفؤاد فنم هنيئا شيخنا *** فالخلد مأوى والنعيم جزاء
إن الحدائق إذ تطوف بينعها *** من فضل ربك منه وعطاء
من للعلوم وقد رحلت مودعا *** أنت الإمام وكلنا ضعفاء
إن الأئمة بعد موت إمامهم *** زادت عليهم بعدك الأعباء
مات الفقيه وزرعنا كنفوسنا *** ونفوسنا بعد الفقيد ظماء
إن فرق الموت الجسوم بطبعه *** فالعلم بعد الموت فيه بقاء
والناس موتى في بيوت معاشهم *** والعالمون بقبرهم أحياء