لدينا 22 دولة عربية، جل شعوبها ستخرج للشوارع غداً، لأول مرة الشعب العربي سيتحد من أجل هدف واحد، الشباب في الشوارع يهتف، والبيوت خالية. الفقير والغني، الجاهل والمتعلم، الكبير والصغير، كلهم على قلب رجل واحد، في كل المدن وكل القرى، الشعارات ستكون موحدة، الانتماءات ستختفى، وسيجتمع الكل تحت علم واحد، في الشوارع، في الأسواق، وحتى في المنازل.
هل تعرف لماذا ؟ لا، ليست مسيرة لتحرير فلسطين، وليست من أجل نصرة سوريا، ليست من أجل نصرة ديننا، وليست من أجل القضاء على الظلم والفساد، ليست من أجل وطن !! هي من أجل مباراة، هي من أجل " الكلاسيكو ".
لأن هذا حالنا، نحن أمة لن تتقدم، فجل من سيخرج من أجل المباراة لم ولن يشارك أبداً في مسيرة وطنية، ولا قومية، ولا حتى دينية. أن سألتَه عن حال وطنه فسيقول لك: " خلينا بعيد عن السياسة "، ولكن فيما إذ ارتكبت غلطة العمر وسألته عن المباراة فأنك ستحتاج تدخل " الناتو " من أجل إيقافه.
ديننا يهان من حثالة الجيش الأمريكي في أفغانستان، أرض فلسطين تسرق، شعب سوريا يُقتل، السودان قسمت، ليبيا على وشك أن تقسم، اليمن والصومال تحارب، العراق على مشارف الحرب الأهلية، والطائفية تنال من الشعب المصري، وخيرات وطننا تنهب.
كل هذا طبيعي، أقل من الطبيعي، لا يستدعي حتى التوقف لتأمله، لكن المهم حالياً هو من سيفوز ؟ كيف سيلعب الفريقان ؟ هل سيكون الحكم " مرتشياً " ؟ هل سيطرد بيبي ؟ هل سيجل ميسي ؟
قلة قليلة تبكي من أجل سوريا أو فلسطين، ولكن الكل سيبكي غداً، الفائز يبكي دموع الفرح، والخاسر يبكي دموع الحزن، دموع ضياع اللقب.
لسنا عنصرين اتجاه أوطاننا المسروقة، ولكننا عنصريين أكثر من جمهور ريال مدريد وبرشلونة نفسه، هي لديهم مجرد مباراة، وهي لدينا مسألة حياة أو موت.
ليس عيباً أن يكون لدينا هواية، ليس عيباً أن نتابع الرياضة، ليس عيباً أن نحب كرة القدم، ليس عيباً أن نشجع فريقاً، ليس عيباً أن نتابع مباراةً.
لكن العيب أن نفعل كل هذا وننسى الأهم، العيب أن نهتم بالمباراة وننسى الشعوب التي تذبح، والبلاد التي تقسم، والأوطان التي تسرق.
المباراة مجرد تسعين دقيقة وتمضي، لكن حال العرب لن يمضي، ولأننا أمة تهتم بتسعين دقيقة، وتنسى تاريخها وتهمل حاضرها ولا تعمل من أجل المستقبل، نحن أمة لا تفهم.