ويل لمن أرسل قلمه يفتك بأعراض المسلمين في الصحف والمجلات، وفي مواقع
الانترنت، فلا تجده إلا همّازاً لـمّازاً غمّازاً: (وَيْلٌ لِّكُلِّ
هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ)، ويل لمن لم يراقب ربه، ويحاسب نفسه، بل أطلق العنان
لقلمه وللسانه يقذف ويشتم ويسب ويغتاب: (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم
مَّبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ)
اقرأُ مقالات تكتبها أقلام آثمة في أعراض المسلمين فأتعجب من جرأة أصحاب
هذه الأقلام على الآثام، واستخفافهم بحساب الملك العلام، ونسيانهم في
القيام ليوم الزحام، كفّوا أيها البشر عن أعراض عباد الله إن كنتم مؤمنين،
تشاغلوا بعيوبكم، زكوا أنفسكم، طهروا قلوبكم، أغسلوا ضمائركم، خافوا ربكم،
حافظوا على حسناتكم، أعوذ بالله من الفاجر الشرير الذي إذا خاصم فجر، وإذا
عاهد غدر، قد امتلأ قلبه بالأشر والبطر، وغفل عن: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ
وَانشَقَّ الْقَمَرُ)، تجد بعضهم عليه آثار النسك من التّخشّع المتكلف،
والتعبد المتعسّف، ولكنه إذا تكلم أو كتب أتلف وأسرف، فكم من ثياب على
ذئاب، وكم من جبّات على حيّات، وكم من نياشين على ثعابين، وإن تعجب فعجب ما
فعلناه بأنفسنا تركنا عدونا الذي حارب الإسلام، وسخر بسيد الأنام، عليه
الصلاة والسلام، وأشعلنا الحرب الضروس بيننا، فتقاتلنا وتباغضنا وتدابرنا
وتحاسدنا وتهاجرنا، فلا تسمع إلا الكلمة النابية، والجملة الجارحة،
والعبارة الآثمة، وكل ذلك تحت مسمى الغيرة على الدين، ونصرة رب العالمين،
وحماية سنة سيد المرسلين، فهو مجاهد عند نفسه قد أحرز الولاية وحاز السبق
ونال القرب وفاز بالزلفى وصار عند نفسه من أصحاب الجنة (تِلْكَ
أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ)،
هل يُتقرب إلى الله بمعصيته؟ هل يُنال ما عند الله بمحاربة عباده؟ هل يُدرك
الفوز بأذية المسلمين؟ هل تُدخل الجنة باغتياب المؤمنين؟ إذاً أيها
المسرفون على أنفسهم بالآثام، وذنوب الأقلام، والسخرية بالأعلام، هل من
توبة نصوح وعودة صادقة ومراجعة للنفس قبل الندم، على زلة القدم، ولاة ساعة
مندم.
د. عائض القرني